فقدان الحمل عندما تصل مدته إلى 20 أسبوعاً مع حدوث ذلك أكثر من مرتين هو التعريف السريري للإجهاض المتكرر. وعادةً ما كان يتم تعريفه في السابق بأنه فقدان الحمل 3 مرات أو أكثر, ولكن أظهرت المعرفة المتقدمة والخبرة بين الممارسين أن 2 من هذه الحوادث تعطي دليلاً كافياً على الاشتباه في الحالة العامة المستبطنة.
الإجهاض التلقائي هو أكثر مضاعفات الحمل تدميراً ومعرفة سبب حدوثه يمكن أن يساعدنا على منعه في أي محاولة مستقبلية. وهناك ارتباط وثيق بين العقم وفشل عملية أطفال الأنابيب ومضاعفات الحمل والإجهاض التلقائي. في حين أن معظم هذه الحالات هي نتيجة لخلل جيني عشوائي في الجنين (نتيجة لاضطرابات صبغية), وهناك أسباب أخرى كامنة وراءه يمكننا اكتشافها ومعالجتها.
-
الاضطرابات الصبغية: الجنين الطبيعي لديه 48 صبغًياً (كروموسوم). أي خلل في عدد الكروموسومات عادةً ما يجعل الجنين غير قادر على البقاء على قيد الحياة فيحدث الإجهاض التلقائي. وفي هذه الحالات قد يكون لدى الجنين عدداً أكبر من الكروموسومات كما في متلازمة داون حيث يوجد عدد زائد من الكروموسومات الإضافية 21 (47, XY, +21) أو عدد أقل من الكروموسومات مثل متلازمة تيرنر, حيث نجد أن كروموسوم X مفتقد (45X). وتشمل الاضطرابات الأخرى التي يمكن أن تحدث على سبيل المثال التبدلات الصبغية أو الانقلاب الصبغي.
التشوهات الرحمية: يمكن للعديد من التشوهات الرحمية أن تكون السبب في الإجهاض التلقائي. والتشوهات الأكثر شيوعاً هي وجود الحاجز الرحمي أو الرحم ذو القرنين. ويمكن تشخيصها عن طريق تنظير الرحم وبعضها يمكن تصحيحه بالتنظير الرحمي الجراحي.
- الالتصاقات داخل الرحم (متلازمة أشرمان): الالتصاقات داخل الرحم هي بواقي النسيج الندبي التي تجعل الجدران الداخلية للرحم ملتصقة ببعضها. ويمكن تشخيص هذه المشكلة وحلها عن طريق التنظير الرحمي/التنظير الرحمي الجراحي.
- بوليبات غشاء باطن الرحم: هي تكتلات صغيرة غير سرطانية في بطانة الرحم. ويمكن تشخيصها عن طريق تنظير الرحم أو مسح إشعاعي خلال المهبل بالموجات فوق الصوتية كما يمكن استئصالها بسهولة عن طريق جراحة تجويف الرحم بالمنظار.
- الأورام الليفية تحت المخاطية: وهي أورام غير سرطانية في الجدار العضلي للرحم والتي تبرز في تجويف الرحم. ويمكن تشخيصها واستئصالها عن طريق التنظير الرحمي الجراحي.
- شدّة التخثر (الموروثة أو المكتسبة): مجموعة من الحالات التي يمكن أن تؤثر بشدة على الدورة الدموية اثناء الحمل. في هذه الحالات يكون الدم لديه ميلا متزايداً للتجلط وأثناء تكون المشيمة يؤثر على الدورة الدموية للجنين مسببا الإجهاض التلقائي. ويمكن الكشف عن حالات شدّة التخثر عن طريق فحص الدم وبعض التحاليل الوراثية المحددة. ومن بعض أنواع شدّة التخثر طفرة مورثة العامل الخامس, طفرة مورثة البروثرومبين (G20210A) ومتلازمة أضداد الفسفولويبيد. ونقص البروتينات C وS ونقص مضاد الثرومبين الثالث.
- العوامل الاستقلابية والهرمونية: الأمراض مثل الداء السكري والغدة الدرقية (أمراض الغدد الصماء), على سبيل المثال عندما لا يتم السيطرة عليها يمكن أن تكون السبب في فقدان الحمل .
- خلل الطور اللوتيني: وهو الحالة التي لا يستمر فيها إنتاج هرمون البروجسترون بشكل مستديم بعد الإباضة وزرع الجنين.
- الالتهابات: الكائنات الدقيقة مثل المُيَوِّرَةُ الحالَّةُ لليُوريا (نوع من الجراثيم)، الميكوبلازما، الكلاميديا أو الليستريا المستوحدة، والفيروسات مثل الحطيطة، الحصبة الألمانية، الفيروس المضخم للخلايا أو الهربس والذين يمكن أن يكونوا جميعاً منشأ الإجهاض التلقائي.
- تشوهات الحيوانات المنوية: الشذوذ في عدد الكروموسومات الموجودة في الحيوانات المنوية هو المسؤول عن 5-10% من إجمالي الاضرابات الصبغية في الجنين. ويمكن الكشف عن هذه التشوهات عن طريق التهجين الموضعي المتألق، FISH للنطاف. وحالياً هناك بيانات متضاربة بشأن التأثير السببي بين فقدان الحمل وتكسر الحمض النووي في الحيوانات المنوية في دورات التلقيح الاصطناعي. ومع ذلك، يمكن أن يكون سبب الإجهاض التلقائي المتكرر في حالات معينة.
- أسلوب الحياة والعوامل البيئية: وتشمل تدخين السجائر والكحول وتعاطي المخدرات، والنظام الغذائي السيئ أو التعرض للمواد الكيميائية والملوثات. على سبيل المثال، ترتبط زيادة الكافيين (أكثر من 3 أكواب يومياً) بزيادة خطر الإجهاض التلقائي. يمكن معرفة نمط الحياة والعوامل البيئية عن طريق المعلومات المأخوذة من تاريخ الحالة ويمكن إدارتها وتصحيحها و/أو تجنبها.
- العوامل المناعية: وقد استخدمت العديد من التحليلات المناعية لتحديد تأثير الجهاز المناعي في فقدان الحمل المتكرر (دراسات تصنيف مستضد الكريات البيضاء البشري (HLA), عوامل تسمم الجنين, منع أو مضادات مستويات الأجسام المضادة الأبوية والخلايا القاتلة الطبيعية وغيرها كثير). وقد أسفرت هذه الدراسات عن بيانات غير متناسقة لم يتم تكرارها عموماً بين المختبرات. ومع ذلك فإننا هنا في مركز العين للإخصاب مازلنا نُجري بعض الأبحاث عن أفضل التقنيات والأساليب التي يمكنها أن تساعد في التغلب على الإجهاض التلقائي. كما نجري تقييم المناعة ونقدم العلاج إذا كان متاحاً وقابلاً للتطبيق وعندما نجد أن كل شيء على ما يرام وفي وضعه الطبيعي.
- متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS): وتتسم بوجود كيسات على المبيضين وعدم التوازن الهرموني. ويمكن تشخيصها عن طريق الفحص بالموجات فوق الصوتية واختبار الدم. إن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض عرضة بشكل خطير جداً للإجهاض التلقائي.
- سبب طبيّ مجهول: بعد التقييم الشامل, يمكن أن يوجد “عامل غير واضح مسبب للمرض” في حوالي 30 – 40 % من إجمالي الأزواج المتعرضين لفقدان الحمل المتكرر. ومن المهم أن نلاحظ أنه على الرغم من هذا فإن فرصة حدوث حمل ناجح في المستقبل يمكن أن تتجاوز 50-60% اعتماداً على عمر الأم وعدد الولادات السابقة.
إذا تم العثور على عيب في الرحم فقد تكون الجراحة التصحيحية قادرة على حل المشكلة. وبالنسبة لمعظم الحالات المذكورة أعلاه من متلازمة المبيض متعدد الكيسات إلى الداء السكري, وهناك علاج أو استراتيجيات يمكن أن تخفف أو تعالج الأعراض. على سبيل المثال, إذا تم العثور على عيوب في الكروموسومات يمكن أن تكون سبب الإجهاض ثم دورة التلقيح الاصطناعي واختيار الجنين عن طريق التشخيص الوراثي قبل الزرع (PGD) و/أو الفحص الجيني قبل الزرع (PGS) وهما الطريق لإحراز التقدم. سوف ينصحك طبيبك بشأن كيفية تحكمك في حالتك بعد إجراء تقييم شامل.
ومع ذلك يمكن أن لا تنجح فحوصات الإجهاض التلقائي في كشف السبب وراء فقدان الحمل (لا يوجد سبب واضح) هناك العديد من العلاجات والخيارات لهذه الحالات لكن دون ضمانات حقيقية بأن يتم التمكّن من علاج الحالة التي لم يتم اكتشافها. يمكن مواجهة الإجهاض التلقائي المتكرر بسهولة إذا كان السبب وراء ذلك هو الغدة الدرقية على سبيل المثال ولكن يمكن أن يصبح تحدياً حقيقياً عندما لا يمكن تفسيره.
لقد رأينا أن الإشراف الدقيق والفحص المنتظم والطمأنينة المناسبة خلال الحمل الجديد بعد الإجهاض التلقائي المتكرر السابق يمكن أن يساعد حقاً من الناحية النفسية, وفي نهاية المطاف يمكن أن يؤدي إلى ولادة طفل حي. وعلى أية حال بالرغم من تاريخ الإجهاض التلقائي المتكرر, فإن المرأة لديها فرصة 60-80% للحمل وإنجاب طفل بصحة جيدة.
هنا في مركز العين للإخصاب نؤدي جميع الفحوصات الممكنة من أجل تجاوز الإجهاض التلقائي المتكرر. ويمكن لأطبائنا المتخصصين أن يوفروا لك المزيد من المعلومات والتشاور معك بشأن جميع الخيارات المتاحة/المعمول بها عند الضرورة.